غزة ... للكرامة عنوان

0 التعليقات
الكاتب يونس العموري

ايها القاعدون المنتظرون أساطيل يهوذا الذي تستدعونه لسحق اطواق ياسمين غزة تكبيراتكم لن تعلو وستكتشفوا عاجلا ان سدنة الهيكل سيتساقطون على اسوار القلاع المحصنة الحصينة حامية احلام البسطاء الذين ثاروا على قياصرة العهد الجديد ... فقراء الليل يعرفون اتجاهات الريح الشمالية ويعلمون خفايا عشقهم للتراب المجبول بعرقهم ولن يبيعوا احلامهم الصغيرة وسيحددوا بوصلتهم ….. وكسرى وان كان ضجيجه عاليا يعرفون انه مبدع بتجارة الرقيق والبيع والشراء … وبوصلة لا تشير الى ام المدائن العتيقة القدس مقتنعون انها المشبوهة وتبقى العنتريات الكلامية ثغاء احوى والتجارة الرائجة في ظل عصر حريم السلطان ….

ايها الحطابون البسطاء اوقدوا النيران في خيامكم واعتلوا قمة احد ولا تابهوا للغنائم واعلموا ان الموت قادم اليكم فموتوا بهدوء وافسحوا المكان للشيطان بان يسود فهذا ليس عصركم ومن الممنوع عليكم ان تعتاشوا وتحيوا في كنف اطواق الياسمين … انتظروا الموت كما تشتهون ولا تخجلوا من هزيمة القيصر فهو امير الجبناء ولم يكن يوما نبيلا من النبلاء او فارسا يمتطي صهوة اليمامة الزرقاء كان يختفي خلف معاناتكم وبليلكم يتغنى ولا تفرحوا كثيرا لرحيل القيصر فخلف موت كل قيصر، قيصر جديد وبالتالي جبان اخر يتاجر باحلامكم ويحاول ان يستصرخ عطفكم ...

ايها البسطاء الجالسون في الطرقات الوسخة اطردوا جميلاتكم من المكان حيث انهن سبايا العصر الجديد وعتقوا خمركم فالجند المدججون بالحقد سيعبرون المكان وان كان البعض منهم بالضاد ناطقين، ومخططات (هينبال) لم تجديكم نفعا فقد خانوه جنرالات وامراء الحرب وتجار ليالي العواصم المدججة بالمؤامرة على الحلم، اعلموا ان تكبيراتهم لن تعلوا بفضل موتكم وقتلكم سيحدد مسار موتهم وقتلهم ونهايات احلامهم .... 

ايها الليل انتظرهم قليلا ليلتقوا مع جميلاتهم وامنحهم القليل من الموت قبل ان تعلن عن موعدهم مع النوم الابدي في كهوف مكفهرة باردة …. فالله سيعلن عن موتهم ايضا وارادة البسطاء من ارادة الرب وهم التواقون لإغفاءة ولو قليلة على اكتاف الحبيبة والخنساء ستطأطىء رأسها احتراما واجلالا للثكالى اليتامى الضائعين الهائمين على وجوههم ورقعة الجغرافيا المسماة بالوطن ستظل كما هي دون ان تختفي الجبال وقلاع البحر ستسستقبل الاساطيل من جديد بصرف النظر عن المنتصر وذاك المهزوم وبحر عكا امواجه ستظل تلاطم اسوار القلاع العتيقة واسوارها ستظل العصية على نابليون وسيرجع يجرجر اذيال الهزائم …. وللنصر وجهان … والرقيق والسبايا هم سادة وسيدات القبائل المهزومة على اطراف القبائل المتناحرة وتاج كسرى سيتوج الرأس المعممة بالوشاح الاسود وصغار القوم باطراف فلسطين سيحاولون ان يعتلوا اسطحة منازلهم مكبرين مهللين متضرعين للرب بان يحمي عرينهم ...

يا غزة الوجع حاولي ان تغفي ولو قليلا واهدأي واستكيني وانتظريهم على ابوابك واخلعي عنهم كل الزيف وعري مواقفهم وعوارتهم القبيحة فهم قبيحون وان كانوا سادة في عروشهم واظهري كل جمالك من خلال قبح سادة يحاولون النطق باسمك وانت البهية التي تمنعهم حتى اللحظة من مجرد الاقتراب من مكونات ابجدياتك ....

هي الجميلة المعلنة عن ذاتها باعلان اللحظة الراهنة بكل ما اؤتيت من قوة ورباط الخيال وان استطاعت الى ذلك سبيلا فهي العالمة بخفايا المرحلة يُراد لها ان تكون عنوان من عناوين فوضتهم والفوضى مرتبطة بالحراك السياسي الراهن وتجاذب المحاور وصراع العواصم على جملة غزة التي تنطقها وتقولها بكل صرخة تضيع في اودية دبلوماسية الكلام المنمق والذي يراعي برتوكلات صالونات الحوار والمفاوضات ويبقى للمفاوضات فنونه وادواتها وغزة الكل ينطق باسمها واسمها ضائع تائه والصرخة مرهونة باداء القابضين على الجمر والماء، والجمر بكل الشوارع مشتعلا وضاعت ملامح الطرقات والدروب قد اصبحت متاهات لا تشبه بعضها ... 

غزة انت الكرامة والعنوان، غزى ارغاما تتصدر العناوين من جديد وتحاول ان تنهض بشموخ .... تقف امام البحر لتعلن عن هويتها بكل أهاتها ... وتقول ما يمكن ان يٌقال في حضرة القتل والتقتيل للغة الضاد بأزقتها ... جاءت هذه المرة واستحضرت كل تاريخ من عبر دروبها ومن انكسر على بواباتها ... لم تخف موج البحر الهادر المائج الهائج وصاحبت غضبه واربكت كل غُزاتها ... كان تنتظر عشاقها المتسللين اليها ليلا ليحكوا واياها حكايا الليل المنسدلة ستائره بعد النهار العابث بأسوارها ... ونابليون اقتحم البحر ووقف حائرا امام اسئلتها ... وغجرية تسللت الى ازقتها... تطلق العنان لأهاتها ...تبحث عن هويتها ... ومخزون مكنوناتها ..تفتش بين السطور ووسط الكلمات عن معانيها ... تدور في فلكها المتمرغ بوحل الأرض السمراء ... تسكن القلاع وتتأبط شيء من التاريخ لتزهو بذات يحاولون سحقها تحت نعال مغتصبي الليل الجميل الزائر لحواري المدينة العتيقة الرابضة على متوسط البحر .... تجيء بكامل رونقها ماسحة على جباة لوحتها شمس تموز الحارقة ... وللسمراء المنتظرة عند زبد بحر النسيان تجلس غزة .. وبلحظة تصرخ من شدة الألم وحرقة الشوق لمعاودة ممارسة الحياة ... فقد سئمت الغزة من هذا الصلف ومن هذا العجز ومن هذا الليل الحالك السواد ومن كل افعال الاغتصاب ... والعاهرات القادمات عند اول الصبح يفضحن عجز الرجال ... الموسيقى حزينة هذا الصباح ... ونباح الكلمات لم يعد يجدي ... وحجارة القلاع اهتزت ... والسفن غادرت الموانيء ... والعجائز لم يعدن يجلسن على بوابات الانتظار ... والوحش افلت من عقاله .. وجن جنون عشاقها ... وانتشر الخبر ... وتصدرت العناوين ... فقد نطقت من جديد غزة بلغة ضادها ... واسمعت بشرها وحجرها وكل مجانينها ... جلست وقلقها يغزو المكان ... عجوز ... نقوش الأزمان الجميلة على جبهتها تتراءى ...شاهدتها من بعيد وعرفت من تكون فقد كانت ممن انتظرن طويلا لصرخة الإرتداد عن جدران القلاع لإنتقام فعل اغتصابها حينما كانت بكامل مشمشها .... وكانت ان شهدت ارجوحة المشانق المعلقة لرجال العشق الجميل للبحر وحورايته .... وقررت ان تسكن ذاك المكان ليستيكن النائم بحضرة الثلاثاء الحمراء ... كانت تختبىء خلف ارجوحة المشانق ... وانشدت مع ام عطا وجمجوم وحجازي زغاريد تهاليل الموت .... تعرف متى تبكي وكيف تكون دموعها بلوريات متلئلئة على وجنتيها ...تجيد لغة ابتساماتها ..وتمنحك حضنها الدافىء متى استطاعت الى ذلك سبيلا ... تتراكض وسط حبات المطر دون ان يمسها ذاك البلل ... تشدو اغاني الحب المتشكل في مدركاتها .... تأتيتك فاتحة ذراعيها لتأخذك واياها نحو فعل الحياة ... كنعانية يسوعية عروبية الهوا .... يابوسية مقدسية بأقاصيصها ... حائرة امام البحر .... مستسلمة لأمواجه المتالطمة ... تركن بذاتها في حواريها .... ولها صخرتها التي تحكي واياها شجنها واشجانها ... لها ركنها في المقهى العتيق ايضا ... وعاشقها أُجزم انه يبحث دائما عن سؤالها ... فعكا تنهض اليوم من نومها لتوقد النار وتستقبل ضيوفها بكل المواقيت مزهوة بسيمفونية صراخها وغضبها .... فيا كل العاشقين تجمعوا ويا معذبي الأرض انهضوا...ويا أيها المصلوبين على الجدران العتيقة انتظاركم طال... وحلمكم ما زال يتشكل... اكسروا الصمت.... وتعالوا الليلة فنحن بالانتظار... تعالوا عند قنطرة بالبيت العتيق..... تعالوا لنحكي قصص المدينة.... وعاشقة كانت بالمكان... تعالوا لنسمع معا صهيل الخيول وأنين العذارى... تعالوا فغزة الليلة بالانتظار... والقمر على موعد معها.... فبمثل هذه الليلة كان القمر غائبا.... وعدها بالسطوع وغاب خائنا.... تعالوا... سنبكي الليلة... وننوح في حواريها.... ونعلن حزننا الأبدي.... تعالوا فلن نبرح المكان.... ولن نمارس اغتصاب نساؤنا.... وسنمارس صراخنا وضجيجنا... تعالوا لندشن وإياكم كرنفالية الموت... واحتفالية الرحيل... فقد كان العاشق هنا... منتظرا قدومها.... والموت أيضا كان يتربص... تعالوا متسللين فمن الممنوع عبور العشاق... تعالوا متخفين فيهوذا يكمن بالمكان.... تعالوا بغضبكم وأحزانكم.... تعالوا سكارى.... لنمارس نواحنا على الأسوار العتيقة.... تعالوا عرايا.... لنشهد اغتصابات المدينة.... تعالوا بلا رجولة... فنساء الحواري غادرن منذ البعيد.... تعالوا لقسم المدينة.... تعالوا لقسم الموت... تعالوا لقسم الحزن ..
.

أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال

0 التعليقات
الكاتب عيسى قراقع

لو تمعنت جيدا في الأربع والعشرين ساعة التي تعيشها تحت الاحتلال، لاكتشفت انك خارج النص البشري، خارج الحياة المألوفة، وأنك في صراع وتوتر وصدمات متتالية، وانك قد تسقط في أي لحظة، أو تتغير في أي لحظة، وأنك بحاجة إلى صراخ أو غضب.

في الأربع والعشرين ساعة الماضية، طفح رأسي وعقلي بالأحداث والأخبار، وكلها دامية وقاسية، مفجعة، لا مجال للأسئلة ولا للأجوبة، مجهول على شكل وحش أمامك، لا رؤية ولا قرار، ولا موعد يلتزم معك في الساعة القادمة.

قالوا لي: نحن تحت الاحتلال، والحياة في ظل الاحتلال لها لونها ورائحتها وطقوسها وسلوكها المختلف، وعليك أن تكون مختلفا، متقشفا وحذرا، ومتواضعا قليلا، تستوعب أن للحرية ثمنا غاليا، والثمن أرواح وشهداء وأسرى وجرحى، هدم منازل، وشم الغاز، ورؤية المقموعين والمضروبين والملاحقين من المستوطنين وجهاز الشاباك والوحدات الخاصة والجواسيس.

وعليك في ظل الاحتلال أن تعتاد على رؤية الدم الغزير، والجثث المكومة فوق بعضها في غزة، الأجساد المتناثرة والممزقة، صوت الثكالى والنازحين والضائعين الهائمين المرعوبين من الأطفال والنساء، أن ترى بلدك يحترق، أشجارك وأحلامك وأمنياتك، وان تنصب خيمة فوق ركام بيتك المهدم، وأن تتعود ايضا وبشكل مقلق على سماع أصوات الصواريخ والانفجارات ودوي القنابل في نومك ويقظتك وتؤجل النعاس، وأن تميز بشكل جيد بين صاروخ إنذاري وصاروخ حقيقي، بين صوت الطائرة الرنانة وصوت أل ف 16، بين قذيفة المدفعية وبين قذيفة البارجة الحربية.

ولأنك تحت الاحتلال فمن الطبيعي أن يقتحم جيش الاحتلال كل البيوت ليلا ونهارا، أن يدخلوا رام الله ونابلس والخليل وجنين، لا حصانة لأحد حتى النائبة خالدة جرار وحسن يوسف ومروان البرغوثي وأحمد سعدات و36 نائبا تم زجهم بالسجن، وأن تتوقع أن يسقط شهداء في المسيرات والمظاهرات حتى لو كانت سلمية جدا، لا رحمة للأطفال في ظل الاحتلال، لا رحمة لمخيم عايدة الذي أغرقوه بالمياه العادمة القذرة، لا رحمة لبيت أمر والعروب وقلنديا وحوارة وقلقيلية والأمعري وبيت فوريك.

ولأنك تحت الاحتلال فأنت عضو في حركة تحرر وطني تقاوم من اجل الحرية والاستقلال والعودة، لهذا عليك تدريب عينيك على رؤية الحواجز العسكرية الثابتة والمتحركة، وان تؤجل أحلامك الكبرى، ومشاريعك الحياتية التي تحتاج إلى هدوء واستقرار وسلام وراحة بال، أن تعتاد على منعك من السفر، و العبث في جسدك عميقا في التفتيشات، وتبلع الاهانة والمسبة، وذل النساء الملغومات بالاحجيات والحكايات، يخشاهن جيش الاحتلال.

يسألني صديقي: هل انتم شعب تحت الاحتلال؟ قلت: نعم! فنظر إلى وجهي وحولي ورآني جميلا متبلدا، اقرأ الأحداث كأنها بعيدة عني، أعداد الشهداء التي فاقت الألفين في غزة، وأعداد النازحين التي زادت عن نصف مليون، وأعداد الجرحى التي تخطت العشرة آلاف، وأعداد الاسرى التي زادت عن السبعة آلاف، أعداد المستوطنين التي زادت عن أل 500 ألف في الضفة، مصادرة الأراضي المحمومة وارتفاع مباني المستوطنات الزاحفة، والتي وصلت إلى غرف نومنا، ويبدو كل ذلك طبيعيا ومألوفا ومتعايشا معه، ما دمنا نحارب بالشعار والنرفزة والتفوق في التحليل والنقاش، وبقليل جدا من التكلفة: المراهنة على أمريكا، وكسل في المشي فوق الأرض.

أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال، قلت لصديقي: يبدو أني مصهور في هذه الحالة، ذبت في سيولة الوجع إلى درجة لم اعد أتوجع، مخدر من فائض الإبر الاحتلالية المؤلمة حتى زال الألم، نسيت شوارع القدس التي ضاعت فيها الجغرافيا والتاريخ والعبادة والملامح ، اعرفها من السور والصور والذاكرة، وقصص صلاح الدين وصفرونيوس في المدرسة.

قلت: لم نعد عبئا على المحتلين، لنا حكومة ووزراء وبرلمان ونشيد وعلم، ورواتب وسيارات وعلاقات عامة إقليمية ودولية ، ومئات القرارات المناصرة لنا، ولنا فضائية ومئات المحطات المحلية، يأتينا الماء في المواسير مسروقا ومنهوبا، وتأتينا الكهرباء مرتفعة الأسعار، وتأتينا الجلطات اليومية وارتفاع السكري، لا نستطيع دفع أقساط الجامعة، نقع كثيرا في الأخطاء الطبية ونسامح، نستوعب رويدا رويدا أن نكون مكبا للمنتوجات الإسرائيلية التي يتنافس كبارنا على وكالاتها، ترتفع أسعار سجائر الفقراء الطفرانين، وتنهال الضرائب، ونصطف طوابير أمام الإدارة المدنية العسكرية لأجل تصاريح للسفر أو العلاج أو الخروج من مناطق ألف إلى C ومن خارج الفضاء والجدار والدائرة ، وأن رفضت طلباتنا نهرب أجسادنا وأحلامنا، ونتحايل على الواقع بخيالنا الفلسطيني الذي لم يعد يصدقنا.

أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال، وغزة تموت ثم تموت، الوطن يخرج من الحقيقية والروح ويرمى في العبث، لم نعد نحمله حتى في حقيبة إن أردنا، ولم نعد نحمله في الموقف الذي أثقل تشابك المصالح المتعددة، والتي ترى أن العدوان على غزة منفصل عن العدوان على الضفة، وأن الضفة فيها استقرار ومؤسسات وعقارات وسوق ومقدمة للدولة، كما يقول البنك الدولي وهو يحتجز الناس في الصراف الآلي كل آخر شهر، أو كما يقول حاجز قلنديا للمسافرين ساعة الظهيرة.

أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال، جلست في مقهى أمام مخيم الدهيشة، رأيت جنود الاحتلال يهاجمون البيوت والأولاد، ورأيت مكبات الزبالة ورائحتها تملأ أنوف البشر، رأيت شبانا بعمر الورد عاطلين عن العمل يتسكعون ويتشاجرون ويسهرون ويقهرون شبابهم، ورأيت موكبا لأحد المسؤولين يمر بسرعة وقد أغلق شبابيك سيارته، ورأيت بنايات شاهقة تطل من مدينة الخضر وارطاس، تتقدم نحوي، قالوا: هي مستوطنات إسرائيلية، وهي القدس الكبرى.

نظرت إلى مدينة بيت جالا، رأيتها قفصا مغلقا، لا زيتون ولا مشمش ولا أودية، تقف فوق جبالها مستوطنة "جيلو" كضبع مفترس ، ورأيت المسيح في بيت لحم يعود مشيا حافيا مقيدا إلى خشبة الصليب، دمه يملأ كؤوس الآخرين، لا تعرفه المدينة، يتوه، أين المذود ؟! أين العذراء وشجرة الميلاد؟! وأين البئر والخبز والعسل، والصلاة في الليلة الاخيرة؟؟

على مقهى في مخيم الدهيشة دخنت كل سجائري، شربت قهوتي، سمعت صافرات تدوي، نظرت إلى غزة، والى يافطات على جدران المخيم من صور أسرى وشهداء وشعارات عن حق العودة، شعرت أني ميت أو سأموت، أو انا حي وميت، لا أدري.

على مقهى في مخيم الدهيشة، ذكروني بالحكايات القديمة، قالوا: كانت قرية فلسطينية صار اسمها أفرات، كانت قرية فلسطينية، صار اسمها معاليه ادوميم، كان فيها كوشان وأسماء، وطابون ورائحة بشرية.

واسهبوا: ويوما بذات الخليل، ويوما بذات الجليل، ويوما بيافا وحيفا، ويوما في اللد وعكا والولجة، ويوما بدير ياسين والدوايمة والمجدل والمسمية ، ويوما هنا أمام هذا المخيم، بلا شكل وبلا ظل وتحت سماء منخفضة.

على مقهى في مخيم الدهيشة، رأيت الاحتفالات العديدة، مهرجانات التأبين للشهداء، أفراح الإفراجات عن الاسرى، الموت والزواج، الأناشيد الفصائلية العديدة، الفقراء الغاضبين على انقطاع المياه، والدة الأسير محمود ابو سرور محمولة على نعش إلى المقبرة، قتلوها بعد 30 عاما من الانتظار، ولم يفرجوا عن ابنها في الدفعة الرابعة.

أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال، تحت ضغط الدم وتوالي الشهداء كل لحظة في غزة والضفة، وتحت ضغط الاكتئاب السياسي على الأرض، حالات انتحار تتصاعد ، قتل نساء باسم الشرف والقبيلة، أطفال يتسربون من المدارس إلى الورش والشوارع، طابور عمال منذ ساعات الفجر أمام حاجز إسرائيلي ، ينتظرون العبور بإشارة من إصبع جندي أو طلقة بندقية، استنكارات دولية لإعدام طفلين أمام سجن عوفر على يد جنود الاحتلال ، وهناك انفجرت الشرايين والكاميرات والصور، شهادات أطفال القدس في غرفة التحقيق رقم (4) بالمسكوبية، تعذيب وتنكيل وصراخ أولاد سلوان والعيسوية، تصاعد الاعتداء على يد عصابات (دفع الثمن) للمستوطنين الحاقدين، خطف وحرق الطفل محمد ابو خضير حيا، عاد هتلر وغابت العدالة الدولية.

على مقهى في مخيم الدهيشة تذكرت سميح القاسم الذي قال لي:
علمني القاتل
أن انبش الجرائد اليومية
أن احصي القتلى على جدرانها السود
وان انتظر البقية.

فمتى يا أخي الشهيد سميح نطلق ما تبقى من موتنا عليهم ثم نموت؟

من أين لكم هذا يا حماس؟

0 التعليقات
د. فايز أبو شمالة 
من أين لكم هذا يا حماس؟ 
من عاداتي ألا أرد على طارق الليل، ولكن إلحاح الهاتف، ورنين جرس الباب الخارجي أجبراني على الرد. قال: تفضل معنا لدقائق! ولا تقلق، سنريك شيئاً مهماًً. رغم حذري، وعدم معرفتي بهم، فقد أغراني الفضول إلى مرافقتهم، ولاسيما أنني قد وثقت بحديثهم، ولم تجزع نفسي من لثامهم رعباً. لم يعطني الرجل الذي رافقني فرصة استبدال ثيابي، وما أن صعدت معهم سيارة الجيب حتى أسدل الستائر، لقد توجست بعض الريبة، وأنا لا أدري أين أنا؟. ولكن الصوت ذاته قال لي: لا تقلق. ولم أقلق حين توقفت سيارة الجيب، وفتح الباب، وقال لي: تفضل. نزلت حذراً برجلي اليمني، ويا للعجب، أين أنا؟ ما هذا؟ أظن أنني تحت الأرض، أنا أمام مصانع للسلاح، وأرى مخازن على مدى البصر؛ قذائف من كل الأنواع والأحجام، ومضادات، وبنادق، وألغام، ومدافع، وصواريخ يصل مداها إلى تل أبيب كما قال المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" "أليكس فيشمان". تساءلت: من أنتم؟ كيف حصلتم على هذه المصانع؟ من أين لكم كل هذا السلاح، من أين لكم المال الذي جلب هذا السلاح؟ وكيف أوصلتموه رغم الحصار؟ تقدم، وتفقد المكان جيداً، انظر في كل اتجاه، راقب، ووثق في ذاكرتك دون تصوير. المكان يذكرني بولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية قبل عشر سنوات، حين نزلت من سيارة محمد أبو شمالة الذي يعمل في الخارجية الأمريكية، فإذا بي تحت الأرض عدة طوابق، تستخدم موقفاً لآلاف السيارات، أنا أقف اليوم أمام التصميم الهندسي نفسه!. تساءلت: من أوحى لكم بهذا؟ كيف أبدعتم هذا؟ كيف أقمتم عدة طوابق تحت الأرض لتخزين السلاح، والمعدات؟ كيف أنشأتم هذه المدينة المترامية، من أين لكم الأسمنت، والحديد، والخبرة الهندسية، كيف أنجزتم عملاً بهذا الحجم، وبهذه السرية، وبهذه السرعة، من أنتم؟ قال: أصعد السيارة، لنكمل الجولة، نحن أصحاب أقدس قضية على وجه الأرض. السيارة تتحرك تحت الأرض، في مكان لا أعرف أين هو، السيارة تمر عن مخازن لمولدات الكهرباء، وعن مخازن لأنابيب المياه بكل الأحجام تكاد تصل إلى تل أبيب، والسيارة تمر عن مبانٍ تحت الأرض يتعلم فيها الشباب فنون القتال، وينامون مطمئنين. السيارة تمر عن ساحات تدريب تحت الأرض، وتمر عن رجال يركبون "التكتوك" في شوارع تحت الأرض، تفيض عنها الإنارة أفضل منها فوق الأرض، شبكه الصرف الصحي تحت الأرض أنظم منها فوق الأرض، أنابيب المياه، وخطوط الهاتف، وسلاسة الحركة، والتدريب، والتنقل، ونقل المعدات، وتخزين العبوات، والوقود، والأخشاب، والحديد، والألمنيوم، والمطاط، والبلاستك، والقصدير! فما هذا العالم الممتد المتواصل الذي يعج بالحياة؟ من أنتم؟ ألا تخشون الهجوم (الإسرائيلي)، ألا تخافون الانفجار؟ ألا تخافون التشريك؟ الجواب في كل الأحوال، وعلى كل سؤال: نحن أصحاب أقدس قضية، فلا تقلق!. قلت: سأكتب، سأصف كل الذي أرى: قال: لا مشكلة لدينا، قل ما تعرف. رغم أنهم لم يفصحوا عن هويتهم، إلا أنني تأكدت أنهم من رجال المقاومة الفلسطينية، وأنهم يعدّون أنفسهم ليوم لا يجزي فيه والد عن ولده شيئاً، ويرتبون أنفسهم ليوم المواجهة الخطير، وأثق أنهم واثقون من الانتصار الكبير. ضمن هذه التصور الخيالي لحال المقاومة في قطاع غزه، طاف ذهني على واقع الضفة الغربية، ترى؛ لو أغمضت السلطة الفلسطينية عينها قليلاً، وسمحت للمقاومة بالتسلح، والتدريب، والإعداد لمواجهة إسرائيل في قادم الأيام. أما كانت ستثير فزع المستوطنين، وتجبرهم على الهروب من الضفة الغربية مثلما هربوا ذات يومٍ من قطاع غزة؟

غزة هزمت الجيش الإسرائيلي وقيادته

0 التعليقات
بقلم - د. فايز أبو شمالة
كاتب ومحلل سياسي
هزمت إسرائيل عسكرياً وسياسياً على أرض غزة، هزمت إسرائيل وانهارت مؤسساتها الأمنية التي نزفت قوة ردعها على أرض غزة؛ رغم مئات جثث الفلسطينيين المكدسة في الشوارع، ورغم قطع اللحم الفلسطيني المتناثر على الفضائيات، والمعلق على أسلاك الكهرباء.
       ولما كانت الحروب لا تقاس بعدد الضحايا، وإنما تقاس بعدد الضربات القاتلة التي تقصم ظهر العدو، فإن ما حققته المقاومة الفلسطينية من نصر تمثل في قصف الثقة الإسرائيلية المطلقة بقدرة الجيش الإسرائيلي على فعل أي شيء في أي مكان على وجه الأرض، دون أن تتأثر الجبهة الداخلية بما يجري على جبهات القتال.
لقد هزمت إسرائيل، هذه حقيقة كشفت عنها الاتهامات العلنية غير المتبادلة بين المستوى العسكري في إسرائيل والمستوى السياسي، ففي الوقت الذي اتهم فيه بعض القادة العسكريين قادتهم السياسيين بعدم الحزم في القرار، وعدم القدرة على الحسم، لم يجرؤ قائد سياسي واحد على التشكيك بالجيش الإسرائيلي، واتهامه بالضعف أو الخوف أو العجز أو الفشل.
إن عدم تشكيك السياسيين بقدرة الجيش الإسرائيلي ترجع إلى أصل قيام الدولة الصهيونية، حين أوحت بأن جيشها جاهز للدفاع عن وجود اليهود داخل أرض إسرائيل وخارجها، لذلك انتقد القادة العسكريون الإسرائيليون قيادتهم السياسية علانية، وحملوها مسئولية الفشل، من منطلق الحفاظ على المصلحة العليا للدولة، التي تفضل التضحية بكل السياسيين ولا تسمح بالمس بهيبة الجيش؛ الذي يجب أن يظل بعيداً عن شبهة القصور والضعف.
إن تجرؤ المستوى العسكري في إسرائيل على اتهام المستوى السياسي بالعجز، لا يهدف إلى تعزيز صورة الجيش القوي القادر في أذهان الإسرائيليين فحسب، وإنما يهدف إلى طمأنة المجتمع على جيشه الذي يمتلك المعجزات والإمكانيات والوسائل الكفيلة بتحقيق النصر السريع، وللتأكيد على ذلك، فقد أعلن المستوى العسكري أن عينه لم تغفل عن أي صغيرة وكبيرة تجري على الأرض، وقد سبق له وأن أخطر المستوى السياسي بالتطورات الميدانية الخطيرة التي تجري على أرض غزة، قبل تسعة أشهر من الآن، ولكن المستوى السياسي أغمض عينه، ولم يقرر في حينه، وعليه فهو الذي يتحمل مسئولية هزيمة الجيش على أرض غزة.

غزة أولاً، ومن ثم الضفة الغربية

0 التعليقات
د. فايز أبو شمالة
كاتب ومحلل سياسي
كفى للغطرسة الإسرائيلية، كفي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الإنسان الفلسطيني وأرضه، تلك هي صرخات أهل غزة الذين قرروا خوض حرب التحرير بكل قوة وصلابة، ودون تردد، بعد أن أظهروا عزيمة من حديد، وأظهروا استعداداً لدفع الثمن، وأمامهم تجارب الشعوب التي تؤكد أن الغاصب لم يقدم للمغتصب يوماً منديلاً ليمسح دمعته، وأن المحتل لن يتنازل طوعاً عن سرج المطية الذي انقادت له، وطأطأت الرأس أمام وجبة الشعير.
من يتجول وسط أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، ويسمع غضبهم، يستنتج أن جميعهم ما عاد يحتمل الاحتلال، ويدرك أن الناس في غزة مستعدون للموت ألف مرة دون العودة إلى حظيرة المحتلين ثانية، لقد أقسم الناس في غزة على التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، والتخلص من حصاره مهما غلت التضحيات، لقد قررت غزة أن تنفلت من عقالها، وتشق الحصار، وتعبر البحار بكل طاقاتها وإمكانياتها وبضائعها ومصنوعاتها ومزروعاتها، لقد قررت غزة أن تتواصل مع العالم الخارجي باستقلالية كاملة عن إسرائيل، لقد قررت غزة أن تحيا بعيداً عن المعابر الإسرائيلية، وبعيداً عن المعابر المصرية، والناس في غزة على استعداد للقتال بلا كلل حتى النهاية، مدركين أن حرية الشعوب تستصرخ الدم، وتنشد التضحيات.
هذه هي غزة التي تخوض حرب التحرير من الاحتلال، وتطالب الانفصال الكامل عن الإسرائيليين، والابتعاد عنهم نهائياً، ولو في هذه المرحلة، هذه هي غزة التي تضحي بأبنائها كي تستقل بنفسها عن اتفاقية أوسلو التي حكمت العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، هذه هي غزة التي تدرك أن الحرب عليها يشارك فيها أكثر من طرف يكره المقاومة، ويرفض الكرامة.
غزة تعرف أعداءها، وتعرف أن تحررها من الاحتلال بالقوة سيرسم معالم طريق الحرية لسكان الضفة الغربية والقدس، لذلك تعرف غزة أنها ستصطدم بالتعنت الإسرائيلي، وذلك كي لا يصير تحرر غزة بالقوة سابقة، تحاكيها الضفة الغربية والقدس، وعلى هذه النقطة يلتقي مع إسرائيل نفر من العرب المتآمرين على الإنسان العربي، والحاقدين على مقاومة غزة.
إن نقطة الضعف الوحيدة التي تعيق تحرر غزة هي المفاوضات العبثية في القاهرة، هذه المفاوضات التي لا تعالج الاحتلال من جذوره، وتكتفي بمناقشة قضية فتح معبر هنا ومعبر هناك، في محاولة لتنفيس الغضب، وإطفاء النار المشتعلة في نفوس الشعب.
أما نقطة القوة في يد المقاومة الفلسطينية فهي الوجود الإسرائيلي نفسه، ذلك الوجود الذي لا يحتمل حرب تحرير مفتوحة على كل الاحتمالات، لذلك ستسعى إسرائيل في حالة المواجهة الممتدة إلى التخلص من غزة، والتحرر منها، فإسرائيل ليست على استعداد لدفع ثمن الاحتلال بشكل يومي، وإسرائيل ليست على استعداد لتحمل إطلاق القذائف على التجمعات اليهودية، وشل عمل الدولة بشكل يومي، وإسرائيل ليست على استعداد لتحمل عمليات المقاومة النوعية.
إن غزة التي حاربت على مدار شهر كامل، وانتصر حتى هذه اللحظة، وأظهرت المعجزات في ميادين القتال، إن غزة هذه بحاجة إلى شهرين إضافيين من القتال فقط، شهران من المقاومة والقتال كفيلة بأن تجعل إسرائيل تستجدي التهدئة، لتطلب من مجلس الأمن أن يحررها من غزة، ولتناشد كل الدول الصديقة للمقاومة أن تخلصها من عبء احتلال غزة.
على الفلسطينيين أن يتبنوا فكرة "غزة أولاً ومن ثم أريحا، والضفة الغربية والقدس.

ما المطلوب بعد العدوان؟

0 التعليقات
الكاتب : محمود الفطافطة
بداية؛ يجب التأكيد على أن إسرائيل تتنفس بالدم والحروب، وبالتالي لا يمكن أن يهدأ لها بال إلا بالرجوع كرة وأخرى لمزيدٍ من عمليات التطهير العرقي و الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية. فالطبيعة القذرة للاستعمار، والمجسدة في أسوأ صورها بإسرائيل تقوم على الاحتلال والاحلال والعنصرية. احتلال الأرض واحلال مستعمرين بدل السكان الأصليين، والعنصرية القائمة على النصوص التوراتية المنحرفة كـ" شعب الله المختار" ، وسواها من المفاهيم الدينية والتاريخية المجردة من ماء الحقيقة أو قواعد الثبات.

من هنا ، يتوجب دوماً على المقاومة الباسلة أن تعزز قواها، مع الابداع والتجديد في أشكال مختلفة ومبتكرة من الأسلحة سواء البرية أو الجوية ، فضلاً عن مطاردة الجواسيس الذين يمثلون " كم الأفاعي " لاختراق العمل المقاوم والاساءة إليه عبر الدعاية المغرضة . في هذا الخصوص، نشيد بقوة المقاومة ونجاعتها في اجهاض فعل وفاعلية هؤلاء الخونة ، والبرهان على ذلك ما شهدناه في هذا العدوان من " طمس" أو تغييب شبه كلي لمثل هؤلاء الذين ارتموا في حضن الأعداء.

كذلك؛ يتوجب على الشعب الفلسطيني خاصة في الضفة والقطاع أن يلتقطوا مجريات وأبعاد هذه الحرب ليواصلوا نشاطهم المقاوم، فكلما كان الفعل المقاوم نشطاً ومتنوعاً ومتواصلاً في الضفة كلما ارتبكت إسرائيل عسكرياً وضعفت سياسيا، فضلاً عن التخفيف في الشراسة الدموية المتبعة من قبل الاحتلال ضد أهلنا في القطاع.

ويضاف الى ذلك وجوب العمل على تصنيف من كان مسانداً وداعماً للمقاومة من بين أولئك الذين وقفوا ضد المقاومة وأهلها .. مثل هؤلاء الخونة الذين اصطفوا مع أبشع احتلال عرفته البشرية لا يمكن التسامح معهم أو التعاطي مع سلوكهم الخطير والمقيت، وحتماً سيكون مصير هؤلاء كابن العلقمي الذي كان عميلاً للتتار ضد الدولة الاسلامية في بغداد، فلفظه التتار كما المسلمين ليعيش على حافة الطريق ذليلا صاغرا.

كما أنه يجب على السلطة الفلسطينية أن تستغل هذه اللحظة التي فيها المجموع الفلسطيني ( شعبا وأحزاباً ) موحداً في التخلص من السلوك المخزي والمعيب وهو التنسيق الأمني.. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تظل السلطة أداة في خدمة الاحتلال.. ما حدث في القطاع، وما نجم عنه من دمار شامل وازهاق أرواح قرابة الألفين شهيد، وأكثر من 10 آلاف جريح كفيل بأن تتجرأ السلطة وتثبت أنها مخلصة وأمينة مع شعبها في أن تنهي هذا السلوك المنحرف.

وفي السياق ذاته، يتوجب على السطة السياسية أن تدرك جيداً أن المفاوضات بدون مقاومة عبث وهلالك للأرض وللانسان الفلسطيني. عليها أن تدرك أن المقاومة هي التي تساعد في تحقيق الحقوق الوطنية ، وأن المفاوضات مع المقاومة طريق سليم لجني ثمار هذه الحقوق.

الحديث في هذا الموضوع يطول ويتشابك، وسيتم متابعته تباعاً. المطلوب أن نعي جيداً أن ما بعد العدوان ليس قبله، وان الاحتلال الذي انهزم وفشل في هذه الحرب التي قتلت وأبادت العائلات والاطفال والنساء والمعاقين ما هي إلا الحرب قبل الأخيرة في تحرير الارض والإنسان .. علينا بالارادة وحسن الادارة والعلم والصبر والتنسيق الفعال .. حتماً سننتصر .. كيف لا وهذه ارادة الله وبشراه لهذه الأرض المباركة المقدسة التي لم ولن يعمر فيها ظالم .. لا ننسى أبداً في هذا الخصوص قوله " آتى أمر الله فلا تستعجلوه"...

مناجاة مقدسية الى القائد العام محمد الضيف وسادة المقاومة...

0 التعليقات
الكاتب : يونس العموري
ربما يحق لنا أن نتوجه إليك اليوم أكثر من أي وقت مضى سيدي وسادتي في أتون المقاومة التي اصبح لها انياب ولها الحق بأن تقول نحن هنا نفرض المعادلة ونحدد مسار السياسات ونتحكم بمنهجية فعل الكيان، ومن حقكم علينا أن نُسمعكم شيئا مما يختلج في قلوبنا وعقولنا وذواتنا، بعد أن حطمنا رمزنا وكنا قاعدين منتظرين، وتاهت بوصلة بنادقنا، وتلعثمنا بلغة الكلام الفصيح الصريح، وأصبحت لغتنا ركيكة لا ترقى لمستوى تراثنا وفعلنا ودماء شهدائنا، وأنات ومعانيات اسرانا، وبعد أن صار لنا إمارة هناك وحاكمية هنا، وأمراء منشغلون بالبحث عن مفردات الردح والقدح والذم، وبعد أن سقط القتلى برصاص بنادقنا المتعاكسة الاتجاه والمتربصة بالحواري البائسة الضيقة. ولا ندري إن كان لنا الحق بأن نسمهيم قتلى ام شهداء، فقد كانت ان ضاعت مفردات ومفاهيم معانينا وسط خربشات بياناتنا الفاقدة لمضامينها بتلك الايام الغابرة. كان المشهد الفلسطيني بائسا وفاضحا قبل ان نكتشف حقيقتكم ونكتشف حقيقة ايقونة المقاومة وسادتها، ذاك المشهد الذي اختصرنا وحولنا الى مجرد مجموعات مليشاوية متناحرة تطارد بعضها البعض، ومن يصل الى المكان أولا يكون المنتصر، ومن يغلق أفواه الثكالى يحقق إنجازه الأعظم، ومن يعلو صراخه وضجيجه بالصوت المرتفع يتحقق له المكان الأسمى والأرفع، ومن يرفع هراوته الأغلظ ويضرب بها رفيق الأمس وعدو اليوم يكون قد قدم ولاء الطاعة من جديد، ومن يوقف المارة بالشارع ويبحث عن معنى لإبتسامة ترتسم على محياه ربما صدفة أو لتتجاوب ونظرة إعجاب من أنثاه يكون قد ارتكب الفعل الطائش ويجب رجمه وقتله، ومن يقف على أعتاب حقيقته محاولا أن يسرد حكايته يصبح مجنونا من مجانين أزقة الشقاء، ومن يبحث عن لقمة عيشه يصير الخائن الأكبر فقد تحول الى متسول لرغيف العيش يرضى أن يقدم تنازلاته السياسية في سبيل ان يتلقى قوت يومه، ومن لا يتسول خبزه يموت جوعا وربما أيضا قهرا إلا إذا تحول إلى قاتل يمرح ويسرح ليلا ليطارد الفريسة من جديد....

القائد العام ويا سادة المقاومة الفلسطينية العظيمة اسمحوا لي ان اناجيكم بشيء مما كان يختلج ذواتنا قبل ان نسمع ازيز رصاص بنادقكم التي اعادت لنا الكثير من شرف العزة والانتماء لمنهج الفعل الكفاحي النضالي الذي غاب وضاع عن مشهديتنا وسط زحمة خربشات مفاهيمنا.
هو المشهد الفلسطيني الذي يبدو واضحا يا سادة أسياد الفعل والكلام، نحو القدس لابد ان تكون بوصلتكم ولا اشك بذلك، لابد من اعادة صياغة مفاهيم نظرتكم للكل والكل هنا يعني الكل عربا وعجما وبشرا وعلى اساس القدس يكون القياس والمقياس.

ايها السادة اقبل اياديكم واقدامكم فلكم علينا الحق كل الحق فهو المنهج من جديد الذي اعاد لفلسطين بهاءها برغم ضحايا الذبح من الوريد للوريد وبرغم الدمار وبرغم كل الألم والدموع وصرخات الوجع، لكنها الحرية والكرامة التي دفعتكم وتدفعنا من وراءكم لتسطير ملحمة الانتصار. انتم الرجال الرجال والعابرين لساحات الوغى ارجوكم ومن جنبات ازقة القدس حافظوا على طهارة سلاحكم ولا تخطئوا بعد اليوم في مواجهة أعدائكم، وان لا تنحرف رؤياكم بالنظر الى خصومكم الشركاء في الوطن مع العلم أنهم قد يكونوا أعداء ولكن هيهات أن تقعوا مرة اخرى في مستنقعات الأحمر القاني، وأنتم المدركون لمعنى أن تتعاكس البنادق نحو العمق الوطني.

اعيدوا للثوار طهارة السلاح المناضل فقد اضحيتم اليوم القيادة الوطنية التي تدير دفة التصدي والولوج الى ساحات الوغى دون أن تتلوث، وأن تسير وسط الرذاذ دون أن تبتل، وأن تصرخ دون ازعاج، وأن تشدو وترتل مزاميرها دون أن نمل السماع، وأن تبكي أيضا دون أن نحاسب دموعها، وأن تبتسم دون أن نغالي بتفسير المعاني، كنتم واثقون بالنصر والنصر تقدم نحوكم، وكنتم صامدين بعرينكم فتعلم الصمود منك الدروس، وافتتحتم الفصل الجديد في كتاب أحرار الموقف والكلمة، وأثبتم ان جيفارا والعرفات وصلاح شحادة ونصر الله وحسين الكربلائي ما زال لهم أمكنة وسط كل الخراب وضياع القيم والمعنى في سفر التكوين للشعوب الحية والباحثة عن الحياة فوق الأرض لا تحتها.

ايها السادة هو المشهد الفلسطيني من جديد الذي يبحث بكل الثنايا الممكنة عن ناصر له وزعيم وقائد موحد لبنادقه المتناحرة والتائه بتيه معاني الوطن، وكيف لهذا الوطن أن يصير جميلا وهو الأجمل...

هو نقاشنا الدائم، وبحثنا الذي لا ينتهي، وفعلنا المتواصل منذ أن صار لنا حياة على هذه الأرض، ومنذ أن سُميت فلسطين بفلسطين، والقدس قبلة صلواتكم، وقد أمطرت لوضوئكم، وتكبيرات مساجدها تصدح بمواقيتها، وأسوارها صامدة لا تنكسر ولا تنهدم ولن تنهدم فحراس احلامها لا ينامون، وأجراس الكنائس تقرع وموسيقاها تطرب أذاننا، والطريق إلى الجلجلة ما زال طويل، والسائرون على خطاهم الأولى ما زالوا يمعنون بالمسير، ودرب الآلام يعبق بروائح الأولين، وسنبقى منتظرين لعبوركم ولعبور من يعتلي تلة تنتظر علمها...

هو البحث عنكم بكل الأمكنة بعد أن صرنا اليتامى على موائد الكبار من سادة قومنا، لا نشك بالمطلق بقدرتكم وقدرة جماهيرنا المرابطة الصامدة الصابرة على صناعة النصر، فصمودنا بحد ذاته نصر، وتصدينا لأعتى آليات القمع والذبح في العالم بحد ذاته نصر، وأن ننطق بلغة الضاد في ظل أبشع سياسات التهويد والأسرلة لمجتمعنا ولقدسنا ولمقدساتنا ولإنساننا وللحب فينا هو النصر بأم عينه... ولكن من يدير دفة أشيائنا ويهدهد ويربض على اكتافنا وأبونا مصروع مقتول مصلوب من جديد ... ؟

اليوم واليوم فقط يحق لنا ان نحتفي بالنصر وهذا العام الذي يستحق أن نسميه عام النصر، كنا ننتظركم ومعنا بهذا الإنتظار كل الجميلات والأطفال وأمهات الإنتظار الطويل لمن قد يعودوا من وراء الإعتقال بزنازين الموت.

البحر.. بحرنا كان بإنتظار شارتكم، والجبال هناك استعدت لملاقاة هداياكم وعطاياكم، وزغاريد النسوة انطلقت ممزوجة بدمعة ترقرقت بعد أن طال انتظار عطاء السماء، وكان أن يأتينا المطر المنهمر بالصيف الساخن ونحن العطشى لقطرة ماء،تبعث الأمل فينا من جديد...

شاهدنا انكسارهم وقرأنا معنى انهزامهم بعيونهم فللمهزوم لغة أخرى وللمكسور تعبيرات نعلمها ونعرفها ونفهمها... ضربونا وأوقفونا بالساعات لأنكم انتصرتم... وحاولوا أن ينتزعوا فرحنا وأن يقبضوا علينا ونحن مبتهجون ونمارس بجرم الفرح المحذور... وما هي إلا أيام حتى وجدنا أنفسنا نسافر بكل الإتجاهات نبحث عن تواقيع خطاكم على أرضنا، وكنا إن شاهدنا وقع خطاكم على هذه الأرض التي تستحق أن نحيا فوقها وأن نسميها باسمها وأن نعيش وإياها فرحتها... كل هذا عايشناه والكثير غير المعلن أيضا خبرناه... ومارسنا أقصى درجات العزة والشرف ومن غيرنا يعلم ويعرف كيف من الممكن أن نمارس عزتنا وفرحنا وسط كل خرابات المعبد وتدمير الأحلام ونحن بالقدس قابعين منتظرين البشارة من جديد، وقد أتتنا البشارة، بهذه الأيام نعيش بشارتنا من جديد، ونعايش بشارة خفافيش الليل الذين يأبون إلا أن يسطون على أحلامنا ليوقظونا على مشهد ذبحنا من الوريد للوريد.
هو النصر المؤزر بتوقيعكم نلمسه ونعايشة ونتحسسه هنا حيث عيونكم شاخصة متجهة ....

وجوه مستبشرة وأخرى ترهقها قترة

0 التعليقات
الكاتب : خالد معالي
بعيدا عن العاطفة، واستعجال الأمور، والتسرع في إطلاق الأحكام دون تروي وتدقيق وتمحيص؛ فان لغة الجسد والوجوه تشير إلى تفوق واضح لا لبس فيه ولا غموض، وانتصار مؤزر للمقاومة الفلسطينية في غزة على القوة الظالمة المتمثلة ب"نتنياهو"وجيشه الذي ثبت انه ألأكثر وحشية في العالم.

سيماههم في وجوههم؛ كانت ملازمة لغزة ومقاومتها؛ وهو ما كشفته الحرب العدوانية على غزة؛ فقد كانت تعابير ولغة وجوه المقاومة ومن يؤيدها من أول لحظة مستبشرة بالنصر، ومن أول المعركة، لان من كان الله معه فلا يخاف عليه؛ حيث كان أهالي غزة من ذوي الشهداء ومن هدمت منازلهم يرددون على الدوام حسبنا الله ونعم الوكيل، الله على اليهود ومن يدعمهم ومن وقف معهم من العرب وغيرهم.

ولان وجوههم مستبشرة؛ فهم حققوا بشكل كامل أهدافهم وببطولة قل نظيرها؛ فهم حافظوا على نظافة سلاحهم بدرجة امتياز؛ دون أن يقتلوا أو حتى يجرحوا طفلا صهيونيا واحدا؛ برغم أن جيش الاحتلال أولغ في قتل الأطفال والنساء جهارا نهارا خلال قصفه لغزة طوال 30 يوما من عدوانه في حرب العصف المأكول التي رفعت رأس كل فلسطيني وعربي ومسلم،وما عاد الإحباط والاستسلام له حصة بينهم من ألان فصاعدا.

ولان هناك وجوه عليها غبرة ترهقها قترة؛ تمثلت بمن أيد العدوان وسانده ودافع عنه من الأعراب الأشد كفرا ونفاقا، ومن المتصهينين العرب ومن دول الغرب؛ فان وجوههم كانت مسودة كالحة عابسة مغتاظة لقوة صمود المقاومة وردت كيدهم في نحرهم.

ومن بين الوجوه التي عليه غبرة ترهقها قترة؛ كان وجه "نتنياهو" ووزير حربه المجرم "يعلون"؛ فهم كانوا خلال مؤتمرهم الصحفي ومن خلال تصريحاتهم لوسائل الإعلام تفضحهم وجوههم؛ مهما قالوا ومهما حالوا أن يخدعوا الصهاينة من أنهم انتصروا في الوقت الذي لم يحققوا ولو هدفا واحدا من أهدافهم التي أعدوها لغزة؛ سوى قتل قرابة 450 طفل، وتدمير المباني المدنية.

قائد سلاح الطيران الصهيوني السابق؛ كان قد قال سابقا وصرح؛ بان غزة لا تحتمل سوى 12 ساعة حتى يتم الإجهاز على مقاومتها؛ إلا انه وجيشه وطيرانه وقنابله المحرمة دوليا لم تستطع أن تفعل شيئا طوال شهر من العدوان على غزة؛ بل وجرت أذيال الهزيمة وانسحبت ذليلة لا تلوي على شيء.

جنود الاحتلال الجرحى والمنسحبين من غزة؛ قالوا بأنهم لم يشاهدوا ولو مقاوما واحدا يلقي سلاحه ويرفع الراية البيضاء ويستسلم؛ بل كانوا يقاتلون حتى الرمق الأخير ولا يأبهون بقوة القصف العنيف، ولا بغزارة النيران، ولا يعرفون سوى مواجهتنا وبقوة، وهو ما لم نألفه في الحروب السابقة مع العرب؛ حيث كانوا يسارعون للاستسلام ونزع ثيابهم.

نحمد الله أن غزة قد أفرزت العالم العربي والغربي إلى جهتين؛ جهة مع الحق، وجهة مع الباطل؛ فمن عارض قتل الأطفال والنساء، وقدم المساعدة للمقاومة هو مع الحق وأهله؛ ومن ضيق على المقاومة وهاجمها ولم يؤيدها فانه وقف مع الباطل.

هكذا إذن هي الأحداث والحروب والوقائع تفرز وتكشف وتفضح وتغربل؛ فالذهب الخالص وغالي الثمن يرتفع سعره كلما تعرض لحرارة عالية والذي خبث يذهب هباءا منثورا، غير مأسوف عليه.

وكما قال نوح لابنه:" يا بني أركب معنا ولا تكن مع الكافرين"؛ نقول لكل فلسطيني وعربي ومسلم وكل حر وشريف في هذا العالم أن يسارع بالركوب في سفينة مقاومة الباطل ورفض الظلم والاحتلال؛ قبل فوات الأوان؛ فما زال هناك متسع من الوقت لمن تم تضليلهم سابقا، ولم يكن بمقدورهم أن يميزوا بين الحق والباطل، والزمن يجري سريعا، فلا تدع الفرصة تفوتك، وتقول وقتها:" يا حسرتا يا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا".

رسالة أخرى إلى الرئيس: ارحل!

0 التعليقات
سيدي الرئيس محمود عباس، الموضوع: حلّ السّلطة الوطنية الفلسطينية والرحيل عن بلدي الحبيب فلسطين
سيدي الرئيس، أعتقد أن 21 عاماً من اتفاقياتكم البالية ومفاوضاتكم العقيمة مع الكيان الصهيوني كافية لإعلان فشلكم الذريع في قيادة ما تبقى من شعبي الحبيب. سيدي الرئيس، حلمك البائس الوضيع بقيام دولة فلسطينية تحدّها من الشرق والغرب والشمال والجنوب "إسرائيل" ليس حلمي. حلمي وحلم شعبي أن يتعلم أطفالي وجميع أطفال فلسطين أن أرز لبنان هو ما يحد المسجد الاقصى شمالا وبلاد هاشم سلالة الرسول (صلى الله عليه وسلم) شرقا وبلاد الفرعون والبحر الابيض المتوسط غربا والكعبة المشرفة جنوبا. هذا هو حلمنا وجل فخرنا وعزتنا سيدي الرئيس بما أعزنا الله به ألا وهو إسلامنا وعروبتنا. كرامتنا سيدي الرئيس سطرها لنا شهداؤنا الابرار بدمائهم. وأسرانا الابطال وجرحانا البواسل بكافة انواع إعاقاتهم. كرامتنا وعزتنا سيدي الرئيس كانت ولا تزال باقية وستبقى طالما أطفالنا يعلمون بالفطرة يحفظون عن ظهر قلب حدود المسجد الاقصى الشريف.
سيدي الرئيس إن أول حقّ لشعبي عندك هو ذاته أولى واجباتك ألا وهو حمايتي. ومنذ قيام سلطتنا الفلسطينية عام 1994 إلى هذه اللحظة لم تستطيعوا حمايتنا ولا حتى حماية اطفالنا من الاعتداءات الاسرائيلية سواء كانت هذه الاعتداءات على أرضنا وزيتوننا التي تمثلت بمصادرة الاراضي, أو على اجسادنا بسبب اطلاق النار او القصف بالطائرات، وكذلك الاعتداءات على حريتنا بالإعتقالات ونقاط التفتيش وانشاء المستوطنات.
سيدي الرئيس اريد التذكير ان هذه الاعتداءات لم تكن بهذه الصورة الهمجية قبل قيام سلطتكم وكأن كل ما يحدث هو بسبب اتفاقياتكم مع العدو الصهيوني والذي في الحقيقة انه لم يخترق اتفاقياتكم (أوسلو 1993) فهذا كله متفق عليه. فأتنم بهذه الاتفاقية عبارة عن أدوات تستخدمها إسرائيل لتقوية ذاتها ولتبرير جميع الانتهاكات بحق شعبنا ولكسب المجتمع الدولي الى جانبها. سيدي الرئيس إن جميع دول العالم يعتقدون ان للفلسطينيين كيان مستقل وجيوش قادرة على حمايتنا واقتصاد متين مستقل وحدود خاصة بنا.
لا يعلم المجتمع الدولي انكم لا تمتلكون الا الصمت الذليل امام جبروت الاحتلال. لا يعلم العالم بأنكم لا تستطيعون حماية أطفالنا وهم يلعبون او وهم في طريقهم الى مدارسهم. لا يعلمون انكم غير قادرين على حماية انفسكم في حال فكرتم في اختراق اي بند من بنود اتفاقياتكم معهم. لا يعلمون ان سلاحكم محدود ويجب ان يدخل مدننا بعد فحصه والموافقة عليه وعدد جيوشكم محدود وان حدود مدننا التي تملكون السيادة عليها قابلة للاقتحام بعد التنسيق والموافقة من قبلكم. لا يعلم العالم بأنكم هنا لحماية الإسرائيليين لا لحماية الفلسطينيين.
قامت إسرائيل بتصفية جميع الرموز والقيادات الفلسطينية التي عجزت عن قتلهم خارج فلسطين وقامت بفعل كل ما عجزت عن فعله قبل أوسلو. سيدي الرئيس قبل أوسلو ومعاهدة باريس الاقتصادية:
- كان ياسر عرفات وأبو علي مصطفى والشيخ احمد ياسين على قيد الحياة. وكان عشرات الاف الشهداء الذين قتلوا بعد اوسلو على قيد الحياة ايضاـ وكان عدد الاسرى اقل وعدد الجرحى وعدد الاعاقات بسبب الاصابات أقل.
- أصبح عدد الأيتام أكبر وعدد الاطفال اللذين لا يستطيعون النوم في حضن أباءهم وامهاتهم بسبب السجون الاسرائيلية أكبر.
- عدد المستوطنات والمستوطنين كان أقل بكثير من ما هو عليه الان. وعدد الاراضي المصادرة أقل وعدد البيوت المهدمة أقل.
- قبل قيام سلطتكم الفلسطينية لم يتم قصف اي مدينة فلسطينية بالطائرات او الدبابات ولم يتم استعمال اي رشاشات نارية ثقيلة مثل رشاش 500 وغيرها. ولم يتم اللقاء اي قنبلة غاز كيميائية محرمة الاستخدام دوليا كقنابل الاعصاب وغيرها.
- قبل أوسلو لم يكن جدار الفصل العنصري ولم يكن هناك اي نقطة تفتيش بين المدن الفلسطينية. وكنا نستطيع زيارة جميع الاراضي المحتلة من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب. وكذلك كنا نملك حق الاقامة والعمل بها دون تصريح وبدون اي شرط.
- كانت المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها منارة العز ومفخرة للجميع ولم يكن هناك معنى للخيانة والتشكيك بأي فصيل فلسطيني. كانت مقاومتنا وكفاحنا ونضالنا في وجه الاحتلال مقاومة الجسد الواحد الذي اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
- كان الحجر اقوى من سلاحكم الذي تجيدون استخدامه ضدنا وتعجزون حتى عن رفعه في وجوه جيش الاحتلال بل وتقومون بإخفائه عند دخولهم الى مدننا. - كنا عائلة واحدة لا نعرف الفقر ولا نعرف الفرق بين مقدسي وغزّي وفلسطيني 48 وفلسطيني من الضفة الغربية وكان الحزن واحد والجرح واحد والفقيد واحد. وكان شهيدنا يكرم بثلاثة ايام غضب وإضرابات تجارية في جميع المدن الفلسطينية ومقاطعة للمنتوجات.
- كان المقتدر يساعد المحتاج (لم نكن نعرف من الغني ومن الفقير) ولا اذكر اني صادفت متسولا واحدا في اي مدينة فلسطينية قبل العام 1994. كانت العلاقات الاجتماعية متينة وكان الجار لا ينام قبل ان يطمئن على جاره. كان خط الفقر أعلى وعدد الفقراء محدود.
- كان عدد الجرائم والسرقات اقرب الى العدم وكنا نشعر بالأمان اكثر من الان. كانت قيمنا واخلاقنا وديننا وعقائدنا افضل.
- لم تكن معاهدة باريس الاقتصادية التي ربطت اقتصادنا المعدوم بدولة بني صهيون. حيث قمتم بالموافقة على تحديد منسوب استهلاكنا من الماء وكذلك اصبحنا ندفع ما يقوم المحتل بدفعه من ضرائب بنسبة فرق لا تتجاوز 1%. وكمية الوقود محدودة وبنفس الاسعار تقريبا ولكن بجودة مختلفة. وكذلك وافقتم على ان تكون العملة الرسمية للسلطة الفلسطينية هي الشيقل الاسرائيلي وممنوع اعادة استخدام او مداولة الجنيه الفلسطيني.
- كنا نرفض ان ندفع اي ضريبة لدولة الاحتلال والان تقومون بجمعها لهم وتقومون بعمل المخالصات فيما بينكم - كانت مقاومتنا لجيش الاحتلال عار لجميع دول العالم الصامتة وكان المجتمع الدولي دائما في جانبنا ومعنا ويقوم بدعمنا المادي والمعنوي. وكانت قضيتنا هي الابرز عالميا واولى ما يتم مناقشته في جميع المحافل الدولية. - كانت حرية التنقل بين جميع دول العالم سواء العربية او الغربية اسهل بكثير ولم نكن نتعرض لاي نوع من انواع الابتزاز في اي نقطة عبور لاي دولة في العالم.
أي عار نحن فيه الان سيدي الرئيس وماذا فعلتم بنا بهذه الاتفاقيات. واي دولة تتغنى بقيامها واين موارد هذه الدولة واين حدودها وما هي مقوماتها واين سلاحها وجيشها واين شعبها؟
سيدي الرئيس حلم الفلسطيني اكبر من دولتك التي تحلم بها ودماء شهدائنا لا تملك الحق في استخدامه وتجييره لمصالحك ولتحقيق حلمك البالي الوضيع. عجزت سيدي الرئيس عن حمايتي وحماية أطفالي أنت وسلطتك البالية المثقلة بالاتفاقيات الوضيعة فاتركنا وشأننا فنحن لا نريد رئيسا ولا سلطة ولا دولة تحمل اسم فلسطين ولكن إسرائيل تحكمها وتهيمن على اقتصادها وتحكم مواردها.
سيدي الرئيس بلادنا مقدسة وبارك الله فيها. ولد فيها عيسى ابن مريم وأسرى بها اشرف الخلق سيدنا محمد. فلسطين سيدي الرئيس اكبر من حدود دولتك التي تحلم في إقامتها والتي عجزت عن الحصول عليها. مساحتها 27000 كم مربع وليس 6000 كم مربع كما تعتقد. فلسطين هي جزء واحد لا يتجزأ والمسجد الاقصى سيدي الرئيس حدوده غير قابلة للتفاوض او التنازل فأرز لبنان شمالا والكعبة المشرفة جنوبا وبنو هاشم شرقا والفراعنة والبحر الاحمر غربا. لم يعد البحر الابيض لان دماء اطفال غزة صبغته بالأحمر
تأكد سيدي الرئيس اننا نشعر بالعار والأسف لقبولك ان يتعلم أحفادك ان إسرائيل تحد فلسطين من الجهات الاربعة. أرجوك ارحل أنت وأحلامك وسلطتك من بلادي فشعبي خلق للنضال والمقاومة وستقاوم حتى تحرير اخر شبر من بلادنا فلسطين المحتلة. ولا تقلق فاللبيت رب يحميه.